نصائح عملية لطلاب تخصص علوم الحاسوب في الجامعة

Cover

مقدمة

في هذا المقال، سأشارك معك عصارة الأشياء التي ساعدتني عندما كنت طالبا في الجامعة في تخصص علوم الحاسوب وبعدها هندسة البرمجيات، وكذا الأشياء التي لو يرجع بي الزمن لكنت فعلتها. أشياء تمنيت لو أخبرني بها شخص عندما كنت طالبا، كانت ستحدث الفارق في رحلتي في الجامعة! لذلك ارتأيت أن أكتب هذا المقال بهدف فتح عينك على مجموعة أفكار يمكن أن تفيدك كطالب.

أشياء ساعدتني عندما كنت طالبا في الجامعة

النوادي العلمية والتطوع

الانضمام إلى النوادي العلمية (وعدم الإنضمام إلى التنظيمات الطلابية) والتطوع في الجمعيات الخيرية. يسمح لك ذلك بتعلم الكثير من الأمور، مثل التحدث أمام الجماهير من خلال عمل محاضرات وعروض تقديمية، تتعلم كيف تعمل في فريق وتكتسب خبرة في ذلك، والكثير من الفوائد.

مشاركة ما أتعلمه

من الأشياء التي كنت أفعلها هي المبادرات الفردية، مثل عمل دورة تعليمية لتعليم البرمجة بلغة جافا والجافا أف أكس وقتها في أوقات الفراغ في مدرجات الجامعة، وذلك بتدريس زملائي، وطلبة الدفعات القديمة والجديدة (وحتى أنه بعض الأساتذة حضروا للبعض منها)، وكنت كذلك أتنقل للجامعات المجاورة وأعمل المحاضرات.
ولكن لماذا؟ لأن شغفي هو مساعدة غيري، فمعلومة بسيطة بالنسبة لك، يمكن أن تكون عبارة عن شيء كبير بالنسبة لشخص أخر. فإذا أتيحت لك الفرصة فلا تعجز، لأنك بعملك ذلك ستستفيد أنت كذلك من تثبيت للفهم وتوفيق من الله، إذ أنه سيسخر لك كذلك أشخاص في حياتك يفيدونك وقت الحاجة، ودائما تذكر أنه “من كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته”.

الصحبة

التركيز على الأصدقاء هو أمر بالغ الأهمية، يجب عليك أن تختار رفقائك بحكمة، حاول أن تصاحب الأشخاص الطموحين، الذين يحبون العمل، الذين يريدون تقديم شيء لهذا العالم، الذين إذا كنتم تمشون مثلا وأذن الأذان تذهب معهم للصلاة في المسجد، ودائما تذكر بأن الصاحب ساحب والمرء على دين خليله.

بناء فريق عمل

عندما كنت في الجامعة، قمت بتكوين فريق صغير (متكون من 5 أشخاص) مع زملائي الطموحين وقمنا بعمل مشاريع مع بعض، نشرنا بعضها على موقع الغيت هاب (GitHub)، كنا من وقت لأخر نقوم بعمل لقاء نشارك فيه المعلومات لنتعلم ونحفز بعضنا البعض. وهذه أعتبرها من أهم النقاط، فحاول تحسين محيطك لأنه سيأثر على انتاجيتك، وابني جو يسمح لك بالتعلم و التقدم في المجال.

بناء مشاريع متعددة

خلال فترة دراستي في الجامعة، وبحكم تخصصي الذي كان يعتمد على البرمجة بشكل كبير، قمت ببناء أكثر من مئة مشروع ونشرته على حسابي على الغيت هاب، ساعدتني هاته المشاريع (ولو أن أكثرها كانت مشاريع صغيرة إلى متوسطة) في صقل مهاراتي لأنني كنت أتبع طريقة التعلم بالتطبيق العملي، يعني مثلا عندما أتعلم تقنية جديدة أحاول أن أقوم ببناء مشروع جديد وأستخدم فيه هاته التقنية لكي أثبت فهمي وأتعلم أكثر.

المشاركة في مسابقات البرمجة وحضور الأحداث التقنية

المشاركة في مسابقات البرمجة (أو كما تعرف باسم hackathons) وحضور الأحداث التقنية أفاداني كثيرا، بحيث أني كنت أسافر إلى ولايات مختلفة، بميزانية منحة الجامعة (لابورس)، فقط لكي لا أضيع الفرصة، لأنها تسمح لك بالتعلم واكتساب الخبرة وسط مناخ يسمح لك بذلك، سمح لي ذلك بالإحتكاك بعقول مختلفة وجرت بيننا محادثات عديدة تمكنت خلالها من معرفة نقاط ضعفي لكي أركز على تحسينها، وكذا التعرف على العديد من التقنيات والأفكار الجديدة. وكما هو معروف في مسابقات البرمجة، فإنه في الغالب يقومون بعمل محاضرات طوال فترة المسابقة بحيث أنك ستتعلم وتستفيد كذلك منها.
هاته المسابقات والأحداث التقنية ساعدتني في التعرف على العديد من المبرمجين المتميزيين من مختلف الأماكن.

المبيت في الإقامات الجامعية

كنت من وقت لأخر أبيت في الإقامة الجامعية مع أصدقاء الدراسة، في الغالب كان ذلك لعمل المراجعة الجماعية خلال فترة الإمتحانات، تعلمت فيها البعض من التحمل، مثلا: في عز الشتاء، تجد نفسك تنهض في الصباح الباكر، تتوضأ بالماء البارد وفي الغالب لن تجد منشفة، النوم على سرير بسيط، أحيانا كنا نقوم بعمل الأكل بأنفسنا وفي الغالب نأكل من المطعم (أكل بجودة منخفضة). سيساعدك هذا الأمر على تقوية مناعتك والإستعداد للأسوء في حال واجهت ظروف حياتية صعبة مستقبلا.
ملاحظة: من الأفضل أن لا تكثر من ذلك، لكي لا تضيع وقتك، ولكن يمكنك التجريب من وقت لأخر.

الإحتكاك ببعض الأساتذة والطلبة

ساعدني الإحتكاك ببعض الأساتذة والطلبة الذين سبقوني للتخصص في الإستفادة من خبراتهم، وذلك من خلال طرح الأسئلة وطلب التوجيه لإختصار بعض الطرق. كما تجدل الإشارة أنه يجب أن تعتمد على نفسك بالدرجة الأولى وتتعلم من الأنترنت (هذه هي أحد أهم الخصال التي يجب أن يتحلى بها المرء) فكل ما تبحث عنه موجود و 99% منه مجانا، وما أقصده في هذه النقطة هو أنه يجب أن تجعل من مساعدة الأخريين إضافة وليس أساس، يعنى إذا استطعت تحصيلها فمرحبا وهذا جيد. غير ذلك اعتمد على نفسك واستمر في النمو.

بناء الهوية الرقمية

ساعدي كثيرا العمل على الهوية الرقمية والظهور أونلاين من أول سنة، مثل نشر مشاريع كثيرة على موقع الغيت هاب، تسجيل الدروس ورفعها على اليوتيوب، وانشاء حسابات على أغلب مواقع التواصل وأهمها موقع لينكد ان (LinkedIn). فعندما تتخرج من الجامعة، ستجد بعض الأشياء الملموسة التي يمكنك أن تضعها في سيرتك الذاتية لإيجاد أول عمل أو مشروع لك.

أهم الأشياء التي لو يرجع بي الزمن كنت سأفعلها

عمل تدريب في الشركات

أحد أهم الأشياء التي لو يرجع بي الزمن لفعلتها هي عمل تدريبات (بالإنجليزية internships) في الشركات، لأنك من خلالها ستكتسب خبرة من خلال الإطلاع على طرق سير الشركات من خلال العمل معهم، وإذا كان مردودك جيد، ربما ستكون هي طريقك لتحصل على أول وظيفة.

الإنضمام إلى برامج الشركات الكبيرة

كنت بالفعل منظم إلى بعض الفرق مثل فريق مطوري جوجل بولايتي، وكذا فريق قوقل للطلبة المطورين وكنت نشط معهم، لكن ذلك لم يكن كافٍ بالنسبة لي، لأني ضيعت العديد من الفرص الأخرى المتاحة، مثل البرامج الخاصة بشركة أمازون، الغيت هاب وغيرها. ستسمح لك هذه البرامج بالإستفادة من دعم هاته الشركات سواءا ماديا لتنظيم الأحداث في جامعتك، أو من خلال توفير أدوات ودورات تعليمية بالمجان، وكذلك اكتساب الخبرة من خلال الإحتكاك بهاته الشركات والتعلم منهم. تفاصيل أكثر حول البرامج المتوفرة: البرامج الطلابية.

الدراسة في ولاية فيها الفرص

الدراسة في ولاية كبيرة (مثل العاصمة) أين توجد الفرص، وكذلك تكون وسط مناخ يسمح لك بالتقدم أكثر.

عمل مشاريع تستهدف المجتمع

عمل مشاريع كثيرة تستهدف المجتمع، طبعا كانت لنا بعض المبادرات مثل إنشاء موقع لإدارة المكتبة في جامعتنا ورفع بعض الفيديوهات على يوتيوب باللغة العربية لتكون صدقة جارية تنفعني بعد مماتي، دائما عندي الشغف لذلك، لكن لم أركز عليه بشكل كبير وقتها.

التركيز أكثر على الخوارزميات وهياكل البيانات

هذه المادة كانت أفضل مادة عندي في الجامعة، كنت جيد فيها بحكم خلفيتي الجيدة في الرياضيات ولأنها تعتمد على التفكير، المشكل هو أننا لم ندرسها بشكل شامل ولم نتدرب عليها بشكل أعمق، فمثلا لم يتم تدريسنا ال trees في الجامعة، فلو يرجع بي الزمن لكنت ركزت أكثر على تعلم هياكل البيانات والخوارزميات بشكل أعمق وشامل، وهذا الأمر سيفيد بالدرجة الأولى الأشخاص الذي يرغبون في العمل مع الشركات التقنية المعروفة والكبيرة.

اللغة الإنجليزية

صحيح أنني عملت على تطوير لغتي الإنجليزية في أواخر سنواتي في الجامعة، وبتوفيق من الله عملت مع شركات أجنبية عديدة باللغة الإنجليزية، لكن لو يرجع بي الزمن، لكنت ركزت عليها من أول سنة، للتخلص من عقدة الإنجليزية التي كانت عائق لي في أول سنة لي بعد التخرج، مما جعلني أضيع فرص عديدة بسبب عدم اتقاني لها.
اللغة الإنجليزية مهمة في مجال هندسة البرمجيات، لكن لا يجب أن تعطيها أكبر من حجمها، بمعنى ليس شرطا أن تكون مثل شكسبير ولكن على الأقل يجب أن تفهم اللغة وتستطيع التواصل مع الأخريين بها بدون مشاكل، لأنه لا يمكن الإستغناء عنها في وقتنا الحالي، سواءا في العمل مع الشركات الجيدة أو حتى الإستفادة من مصادر التعلم الجيدة من الكتب والتوثيقات التي ستجد أغلبها متوفرة بالإنجليزية فقط، وباتقانك لهاته اللغة ستفتح على نفسك أبواب العالم والعِلم وتزيد من فرصك.

قراءة الكتب

لم أدرك قيمة الكتب خاصة في مجال هندسة البرمجيات إلى في سنواتي الأخيرة في الجامعة وفي الحياة المهنية، مصادر العلم والمعرفة تجدها في الكتب بدرجة أولى، فركز على قراءة الكتب المفيدة التي تحوي عصارة خبرات أشخاص أخريين لكي تستفيد من خبرتهم وتتقدم في المجال.

ممارسة الرياضة

هذه أحد أهم النقاط! كنت أعلم بأهمية الرياضة ولكني لم ألتزم بها في غالب الوقت. صحتك يا صديقي لا تقدر بثمن وهي رأس مالك، وستساهم بشكل كبير في تنظيم حياتك وزيادة انتاجيتك، لذلك احرص دائما على ممارسة الرياضة والمداومة عليها.

الخلاصة

تذكر دائما أنك عندما تكون طالب سيكون عندك -في الغالب- الكثير من الوقت، لذلك حاول أن تستغله أحسن استغلال يا صديقي، ركز كثيرا على تطوير مهاراتك قدر المستطاع لأنها هي رأس مالك، حاول أن تحتك بالطلبة النجباء وتُكوِن محيط يسمح لك بالنمو.

كُتب في 27/09/2023
شارك التدوينة: